جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن
فالحبُ عليك هو المكتوب
يا ولدي قد مات شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانكَ دنياً مرعبةٌ
وحياتك أسفارٌ وحروب
ستحبُ كثيراً يا ولدي
وتموتُ كثيراً يا ولدي
وستعشقُ كل نساءِ الأرض
وترجعُ كالملك المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها سبحانَ المعبود
فمها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتها موسيقىً وورود
والشعر الغجري المجنون
يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأةٌ واحدةٌ
يهواها القلب هي الدنيا
لكن سماءكَ ممطرةٌ
وطريقكَ مسدودٌ مسدود
فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
من يطلبُ يدها
من يدنو من سورِ حديقتها
من حاولَ فكّ ضفائرها
يا ولدي مفقودٌ مفقود
بصرّتُ ونجمّتُ كثيراً
لكني لم اقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً تشبهُ أحزاناً
مقدوركَ أن تمشي أبداً
في الحبِ على حد الخنجر
وتظل حزيناً كالصفصاف
وتظل وحيداً كالأصداف
مقدوركَ أن تبقى مسجوناً
بين الماءِ وبين النار
فبرغمِ جميع حرائقه
وبرغمِ جميع سوابقه
وبرغمِ الحزنِ الساكنِ فينا ليل نهار
وبرغمِ الريح
وبرغمِ الجو الماطر والإعصار
فالحبُ سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار
ستفتشُ عنها يا ولدي في كل مكان
وستسألُ عنها موج البحر
وتسألُ فيروز الشطآن
وتجوبُ بحاراً وبحارا
وتفيضُ دموعكَ أنهارا
وسيكبر حزنكَ حتى يصبحَ أشجارا
لكنكَ ترجعُ يا ولدي
مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنكَ كنتَ تطارد خيط دخان
فحبيبةُ قلبك ليس لها أرضٌ أو وطنٌ أو عنوان
ما أصعبَ أن تهوى امرأة
يا ولدي ليس لها عنوان